هذي قصة قصيره من كتاباتي اتمنى تنال اعجابكم
قصة قصيرة
أيام السعادة
للكاتبه :بنـــ الخليج ــت (s.s.k)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
لفت جسمها الضئيل بالغطاء جيدا ..قال لها بنبرة حنان ممتزجة بالحزن : "ألن تذهبي معي؟؟ " قالت وهي لازالت تغطي جسمها بأكمله وتضع المخدة فوق راسها : "لااريد الذهاب معك الى أي مكان ..اغرب عن وجهي " نظر اليها نظرة شفقة ..كان رجلا في ريعان الشباب لم يتجاوز عمره 25 عاما ..خرج من الغرفة بخفه واقفل الباب وراءه بهدوء تام ..نهضت من فراشها وهرولت مسرعتاً الى خصاص الباب ..لتراه قد غادر وتركها .
لم تكن قد تجاوزت 15 من عمرها ..القت نظرة عليه من النافذة وهو يغادر من المنزل .. جلست على سريرها وضمت ركبتيها لصدرها وانزلت راسها وهمت بالبكاء كعادتها.
هي على هذه الحال منذ اكثر من سنتين ..فمنذ سنتين تقريبا ..فقدت افراد اسرتها في حادث مؤلم ولم يبقى منهم سوى اخيها الذي تعيش معه رغم عنها ..فشقيقها يحاول جاهدا تعويضها عما فقدته من حنان ..لكنها كانت ترفض مساعدته ولولا ألسنة الناس التي لن ترحمها لغادرة المنزل منذ زمن .
لم يكن شقيقها ذا شخصية قاسية او متحجره لتكرهه ..بل قد كان شخصا حنونا عطوفا يحب اخته ويسهر على راحتها ..ولكن الذنب الذي اقترفه وجعل اخته تكرهه هو خروجه قبل عاميين غاضبا من المنزل لرفض والده اقراضه النقود التي كان في أمسّ الحاجة لها .
فبعد خروجه من المنزل بمدة ليست بطويله ولا بالقصيره ..قلقت الاسرة عليه فخرجت تبحث عنه ..فتعطلت مركبتهم فالطريق ليحدث ذلك الحادث المشؤوم الذي لم ينجو منه الا هذه الورده البريئه .
"لم اعد كما كنت " اخذت تفكر هكذا ..اخذت تتذكر ثيابها الجميلة الزاهية الالوان والشريطة الملونه التي تجمع خصلات شعرها الاسود الداكن.لكنها عادت بسرعة الى الواقع ..استيقظت من احلامها وذكرياتها لتنتقل الى الواقع الذي خلفه القدر لها ..نظرت الى نفسها وهي تلبس اسمال باليه وشعرها الجميل كيف كان وكيف اصبح ..وبعد هنيهه من التفكير قطع حبل افكارها شقيقها زياد الذي دخل بسرعة والبسمة مرتسمة على شفتيه واخذ يقترب منها فأعرضت عنه واتجهت الى سريرها فقال لها :" يا اختاه مابالك؟؟..اني لاتيت لكي وكلي فرح وسعادة ان نتناول غدائنا معا ..سكت زياد واخذ ينظر إلى اخته التي ظلت صامتة وكأنه لا يكلمها ..فغضب زياد غضبا شديدا وقال :حنين ..والله لان لم تتوقفي عن رؤية الحياة بهذا المنظار الأسود لأغادر المنزل أو أطردك منه..كادت لولهة ان تتكلم لولا انه مد يده مسكتا لها ..كان وجهه قد تغير واحمرت عيناه وكأن النيران تلهبها ،ونسى ان من يكلمها هي اخته التي لم تتجاوز 15 عاما وقال لها : والله إني لم اعد داريا ماذا افعل ..هل اقتلكِ ام اقتل نفسي تعاسة على حالنا هذه ..لأني لم اعد أرى فيكِ فتاة ذات 15 عاما إنما اراى فيكِ امراءة في الأربعين من عمرها ..من يراك يقول ان غوائل الدهر وهمومها فوق رأسك ..وهنا توقف عن الكلام هنيهة ثم أردف جئتك وأنا كلي سعادة بأن أموال تكفينا أصبحت بين أيدينا ..ونستطيع العودة إلى حياتنا السابقة وأفضل منها وننهي هذه المأساة التي نعيشها ..ثم تغير صوته فأمسك عن الحديث واطرق رأسه فعلمت حنين ان آخها يبكي فبكت بينها وبين نفسها لبكائه ..لربما مس كلام أخيها شيئا من كيانها ..ولربما حط على كلامه على وتر حساس في داخلها ..لكنه للأسف لم يغيرها.
مرت خمسة أعوام على المعاناة التي لم تكن معانة ماديه ..لكنها كانت معاناة نفسيه ..فخلال خمسة أعوام تغيرت الحال المادية للأخوين ..وأصبحا يعيشان في رغد وهناء ..ولكن لم يخلوا كل يوم من الشجارات بينهما ..وكتن سؤال حنين الدائم لأخيها :من أين يجلب النقود؟؟ فيقول لها :إنها من الإرث الذي خلفه أبوهما له
لم يعد زياد كما كان فالسابق ..فمنذ تلك الليلة التي افرغ فيها مكنون نفسه من مأساة واسى على اخته ..لم يتحدث إليها قط عدا الأمور السطحية والمهمة
أصبح لايبالي بحنين كالسابق ..أصبح يخرج من المنزل عند بزوغ الفجر ويعود عند منتصف الليل ..وعندما تسأله حنين أين يذهب لا يرد على سؤالها ..فيعتبر نفسه غير موجود ..أو بالأصح هي غير موجودة
في يوم من أيام ذلك الدهر البعيد .. كانا يجلسان على مائدة الطعام يتناولا عشائهما بكل سكون وهدوء ..فهما لم يعتادا الحديث معا
كان شكل زياد قد غير بعض الشيء ؛فقد قل عدة كيلو جرامات خلا السنين الخمس الماضية وظهرت بعض خصلات الشعر البيضاء على ذلك الشعر الأسود الفاحم ، أما عن حنين فقد زادت عدة سنتيمترات وأصبحت جميلة رغم بساطة مظهرها والحزن الذي لازال يعم ملامح وجهها.
حينما نهى زياد طعامه هم بالنهوض ولكنه شعر فجأة بألم كسيف مر على قلبه ،هرولة إليه حنين لاشعوريا كان يصرخ من الألم وحنين تبكي وتناديه : أخي ..أخي ، لكن زياد فقد وعيه .
وصل الطبيب بعد دقائق من اتصال حنين به ،دخل الطبيب على زياد هو والممرضة كان زياد يتألم ويصرخ ألما ، بعد دقائق مرت كالسنين في نظر حنين خرج الطبيب فأسرعت إليه تستفسر عن حالة أخيها ، كان قلبها يكاد يتوقف خوفا عندما اطرق الطبيب رأسه وعيناه تمتزجان بدموع الحزن وقال : حالته خطره ..ربما لن يستطيع ان يكمل الحياة
صرخت حنين بأعلى صوتها :لا
وقررت الدخول لولا ان صوت الطبيب أوقفها :توقفي ..انه مريض بالقلب منذ فترة طويلة ..ولم يهتم بعلاجه
حينها جلست حنين على اقرب كرسي منها وعلامة الدهشة مرتسمة على وجهها الطفولي لكنها أعادت شجاعتها لها وأسرعت إلى غرفة أخيها عل وعسى ان تدخل وتجده لايشكي من مرض وان كل ماقاله الطبيب كان مجرد حلم مزعج انتهاء، ولكن أحلامنا لاتصبح حقيقة دائما ..فعندما دخلت غرفة أخيها وجدته مستلقيا على سريره ويراها معينين متعبتين ، جرت حنين لا أخيها وسقطت في حضنه والدموع تتساقط من مقلتيها ، ابتسم زياد لاخته ابتسامة عذبة راضية بقضاء الله وقدره وقال :كفا يا اخيتي ..فإن الأعمار بيد الله
،نهضت من مكانها وأخذت تتأمل ملامح أخيها.. للمرة الأولى تشعر بجمال ملامحه ودفئ حضنه ..لكنها عادت للتذكر الواقع فأخذت تبكي مجددا ، حاول زياد ان ينهض من سريره ..ربت على كتفها وهو مازال مبتسما رغم الألم الذي يعتصر قلبه ، نظرت إليه بخوف وهي تقول :أخي هيا عد إلى سريرك ، عاد زياد لسريره وعاد الألم إليه فجأة وامسك بقبضة يده موضع الألم فنهضت اخته لتخبر الطبيب لكنه صرخ قائلا لها : حنين ..لا تذهبي يا اختي ، ثم مد يده إليها وهو لا يزال مستلقيا في فراشه والعرق يتصبب على جبينه وقال : لا فائدة تجزى من الطبيب اذا جاء الأجل يا أختاه ..أرجوك كوني معي في اخر لحظات حياتي ولا تبتعدي عني
عادت حنين لأخيها وجلست بجانبه واخذ زياد يحاول وبكل جهد ان يعتدل في جلسته وهو يحدث نفسه قائلا :رباه أعطني دقائق لأودع اختي وأحدثها عن مايجتاح فكري وقلبي ، وبعد إصرار كبير استطاع زياد ان يجلس على السرير ، ابتسم لاخته وامسك بيدها ..أراد ان يتكلم الا ان حنين سبقته وقالت بصوتها الأنثوي الحنون :أريدك ان تصدقني القول هذه المرة أخي أريدك ان تُصدقني القول هذه المرة في كل ما حصل خلال الخمس أعوام الماضية ،عم السكون والهدوء جو الغرفة قطعه صوت زياد يقول :منذ خمس سنين وحتى صباح هذا اليوم كنت اعمل عند احد التجار المتواجدين عند الميناء ، كنت احمل البضائع من السفن إلى مخازن البضائع ، وهكذا يوم بعد يوم حتى أحسست في يوم بالألم في صدري فزرت الطبيب فأخبرني إنني مصاب بمرض القلب ،لكنني لم استطع ترك العمل فتجاهلت مرضي لكنه قضى عليّ في نهاية المطاف
فقالت حنين :ولكننا في غناً عن اجر عملك بفضل ما خلفه لانا أبي من مال ، ابتسم زياد لاخته وقال لا يا أختاه لم تكن الأموال أموال أبي ، وأردف قائلا :كانت حصاد عملي انا ، فقالت حنين : ولكن ..
فقال زياد مقاطعا لها :خفت ان ترفضيها ..لذالك ادعيت أنها أموال أبي
أرادت حنين ان تتكلم ولكن الألم عاد لزياد واخذ يصرخ بهستيرية ، أرادت حنين النهوض لكن زياد أمسها وقال :لـــ ..لا تذهبي يا اختي .لقد فات الأوان
أخذت حنين تصرخ بصوت عالي: أخي ، والدموع تتساقط من عينيها كحبات لؤلؤ تناثرت وتساقطت من عقدٍ فقدت خيوطه تماسكها وتحملها ،ولم يلبث ان ابتسم زياد ابتسامة أخ ٍ راضي ورجل عطوف حتى نطق الشهادتين وأغمض عينيه مودعا هذه الدنيا الفانية ،وبمجرد إغماضه لعينيه توقفت حنين عن البكاء وأخذت تضربه وتحاول ان توقضه دون فائدة ،فصرخت صرختاً قوية أثارت الحزن والفزع والخوف في أرجاء المنزل ، دخل الطبيب ومن معه إلى الغرفة ليروا حنين تبكي وتبكي وتسقط دموعها التي كانت اخر عهدها بأيام السعادة التي جهلت وجودها .
تحياتي
السبت أبريل 03, 2010 5:46 am
